حيوان الغُرير والغلاَّية
يحكى أنه في سالف العصر والأوان، كان يعيش زوجان عجوزان بقرية جبلية صغيرة، وأنهما كانا جدُ فقيرين، حتى أنهما لم يكن لديهما ما يستقبلان به العام الجديد. وفيما كان الرجل العجوز يسير خائر النفس مغتماً، عائدا إلى بيته، بعد أن ظل يحتطب في الجبال طول اليوم، برز له من بين الأشجار الكثيفة (غُرير) بادره بالسؤال: "أيها العجوز، مالي أراك حزيناً؟"
فشرح له العجوز حاله؛ فقال الغرير: "دعني أقدم بعض العون.. إن كاهن القرية بحاجة إلى غلاية جديدة، وسوف أجعل نفسي غلاية، تقوم أنت ببيعها له." ولم يكد حيوان الغرير ينتهي من كلامه حتى اختفى عن الأنظار وحل محله غلاية بهية المنظر.
وكان كاهن معبد القرية شديد الحرص على طقوس تقديم الشاي التقليدية؛ وأراد أن يتباهى أمام أصدقائه بالغلاية التي اشتراها حديثاً، فطلب من أحد تلاميذه أن ينظفها؛ فلما بدأ الكاهن الصغير في دلك الغلاية، هالهُ أن يسمع دمدمة شكوى تصدر من الغلاية: "ما أقساك!.. ترفق بي!" فنقل الواقعة العجيبة إلى كاهنه، فلم يجد لديه إلا اللوم والتعنيف، وليكف عن أحلام اليقظة تلك.
ولم يلبث الكاهن أن بدأ يعد الشاي، فصب الماء في الغلاية، ووضعها على النار، فلما سخن الماء فوجئ الكاهن وضيفه بالغلاية تقفز من فوق النار صارخة: "ساخن جداً.. ساخن جداً!"
وظهر للغلاية رأٍس غرير، ثم ذيله، ثم أطرافه الأربعة.. عادت الغلاية غُريراً، انطلق من فوره متخذا طريقه إلى الجبال.
سلاااااام