سيد حصن أوهتات
في زمن الإقطاع، كان لآمر حصن أوهتات ابنة جميلة تدعى كوروهيم. وذات مساء ربيعي، اصطحب آمر الحصن ابنته الأميرة في رحلة خلوية للاستمتاع بقطف بشائر الكرز. كانت الطبيعة ساحرة، حيث بدت ذرى الجبال البعيدة وقد غطتها الثلوج، بينما افترشت أشجار الكرز ذات الثمار القرمزية التلال المحيطة بتلك الجبال. وكان آمر الحصن يحتسي بعضا من كؤوس الساكي، منتشياً بما يراه من مناظر خلابة، عندما لمح ثعباناً أبيض صغيراً يعترض طريق الأميرة كوروهيم ويتطلع إليها في إعجاب. انتابته الدهشة، فأشار لابنته أن تعطي الثعبان كأساً من الساكي، فشرب الثعبان.
وفي وقت متأخر من ليلة اليوم ذاته، استيقظت الأميرة على صوت في مخدعها، ولما فتحت عينيها وجدت محارباً شاباً أنيقاً جالساً بالقرب من فراشها، بادرها بالكلام كما لو كان يتوسل إليها: "أيتها الأميرة كورهيم، إنني الثعبان الذي قدمت له الساكي، وأرجوك أن تقبلي فتكوني زوجة لي!" قالت الأميرة: "ما أعجب أمرك! ما كان يجب أن تتقدم إليَّ على هذا النحو. فمن فضلك، اذهب إلى أبي". فقال الشاب: "سأفعل."
ولم يمض غير أيام قليلة حتى كان محارب شاب حسن المظهر يزور آمر الحصن، ويسأله الموافقة على زواجه من ابنته. وكان مظهره وسلوكه وهيئته على درجة من الكمال جعلته ينال إعجاب الآمر؛ غير أن ذلك الأخير عندما علم بأن المحارب هو في حقيقته ثعبان، استشاط غضبا، وحذَّر من أن تقع عليه عيناه مرة ثانية. إلا أن الشاب لم يخف غضب آمر الحصن، وكرر المحاولة مائة مرة. وأخيراً قال له الآمر: "عد في الغد، حيث سأقوم بالدوران حول الحصن على صهوة جوادي إحدى وعشرين مرة، فإن استطعت مجاراتي في الدوران حتى النهاية، ستكون ابنتي من نصيبك". فانصرف الشاب منتعشاً بتجدد الأمل.
إلا أن آمر الحصن جعل رجاله يزرعون مئات السيوف حول الحصن، ونصالها موجهة إلى أعلى. وفي الصباح المحدد لذلك السباق، حوَّل الشاب نفسه إلى ثعبان، ومضى خلف آمر الحصن الذي كان يعتلي ظهر فرسه؛ فكانت نصال السيوف الحادة تقطع جسم الثعبان، فأخذ ينزف بغزارة، حتى أنهى السباق في حالة يرثى لها؛ فالتفت إليه آمر الحصن وقال له في س**** بالغة أنه من المستحيل أن يعطي ابنته الجميلة لثعبان قبيح مخيف مثله.
وفي تلك اللحظة، تمكن الغضب من الثعبان، فانقلب إلى تنين، وخطف الأميرة، وفرَّ بها.