طائر الغرنوق
في يوم من الأيام، توجه فلاح شاب يتصف بالأمانة إلى الحقول الجبلية ليحتطب، فعثر علي غرنوق جريح يعاني الآلام. قال الفلاح وهو يقبل على الطائر يعالج جرحه: "طائر مسكين.. من الذي يطاوعه قلبه ليسقط مثل هذه المخلوق الجميل؟"
وذات مساء، بعد مرور عدة أيام، دقت باب بيت الفلاح الشاب فتاة صغيرة جميلة، سألته أن يؤويها الليلة، فالظلام يهبط، وقد أعياها السير فلم تعد تقوى على مواصلته. ولم يلبث الشاب أن وقع في حبها من أول نظرة، وسألها أن تبقى إلى الأبد، لتكون زوجة له، فوافقت على استحياء. عاشا معا في سعادة غامرة، لم يعكرها إلا فقر الشاب، وكان الشتاء يقترب وليس لديه من المؤن ما يكفي لمواجهته حتى يأتي الربيع.
وحدث أن الزوجة عرضت أن تشتغل بالنسيج الحريري إلى عاصمة البلاد، وبيعها إلى تاجر كبير، مقابل مبلغ مجز من المال. وكان التاجر مسروراً بحصوله على الحرير الجميل، وطلب من الشاب أن يأتيه بلفافة أخرى. نقل الشاب رغبة التاجر إلى زوجته، فقالت: لا أعرف إن كان ذلك بإمكاني أم لا، غير أنني سأحاول. وعلى أية حال، من فضلك، لا تدخل عليَّ أو تحاول النظر إليَّ وأنا أعمل أمام النول. وعدها الزوج بما طلبت، غير أنه عجز، أمام شدة الفضول، عن الوفاء بوعده فاسترق النظر إليها من خلال ثقب بباب غرفة النسج. فهل لك أن تتصور ما رأته عيناه؟
لم تكن زوجته اللطيفة هناك تعمل أمام النول، ولكن غرنوقاً رشيقاً أبيض اللون! كانت الغرنوق الأنثى قد فقدت نصف ريشها، وكانت تنزع ريشها الأبيض وتنسجه فيستحيل حريراً أبيض لامعاً. فزع الزوج وانطلقت منه، عن غير قصد، صرخة؛ فأدركت أنثى الغرنوق أن زوجها قد حنث بوعده، وابتعدت بجسمها الممشوق عن النول، قائلة: "وحيث أنك قد اكتشفت حقيقتي، فيستحيل عليَّ أن أبقى معك بعد الآن.. إنني أنا طائر الغرنوق الذي أنقذته في منطقة الجبال، وقد أتيت لأردَّ لك صنعك وإحسانك، غير أنني يتحتم عليَّ الآن أن أغادرك". ولم يلبث الطائر أن انطلق صاعداً إلى السماء الزرقاء